أخيرا أكدّ الرئيس الفرنسي ماكرون أنه فاشل ديبلوماسيا، لقد بصم بالعشرة على هذا الفشل الذريع، والملفت أنه لم يكتف بحصيلته السياسية البائسة، بل تراكم الفشل في السياسة والاقتصاد والديبلوماسية، حتى أنه فشل في الحفاظ على وحدة صفوف أنصاره، والآن، بعد شطحاته الأخيرة، أضاف لخيباته خيبة جديدة هي ” الانهيار الكبير ” بعد مهاجمة دول مستقلة دون سبب معلن، ووضع نفسه في خانة أضعف الرؤساء الفرنسيين على الإطلاق.
وبعد هذه السقطة والخيبة الجديدة، تلقى ماكرون سيلا من الانتقادات على سلوكه المشين، والذي يعبر، وهذا واضح، عن فشل داخلي ذريع في السياسة والاقتصاد والديبلوماسية، فليس سرّا أن المديونية الداخلية بلغت 3.3 ألاف مليار أورو، وهو رقم لم يسجل في عهد أي رئيس فرنسي أخر، هذا الرقم يعادل 112 في المائة من الدخل الوطني الخام، وارتفع التضخم بشكل مجنون، وبلغ العجز في الميزانية حدا غير مسبوق، وكان العجز في الميزانية هو السبب الأول في سقوط الحكومة بعد الأخرى.
سياسيا، أدخل ماكرون بلده في أزمة سياسية ويمكن القول أزمة دستورية خطيرة، بعد انهيار 3حكومات في وقت قصير جدا وتواجه الحكومة الجديدة مشكلات عويصة قد تعصف بها بشكل عنيف وتسقطها أرضا في الأسابيع القليلة القادمة..
وقبل ذلك، قام ماكرون بحل البرلمان ووضع حزبه في مأزق، حتى ثار ضده أقرب أنصاره والمقربين منه، وفتح بقراراته الغربية باب السلطة على مصراعيه أمام اليمين المتطرف أو اليسار المتطرف، كما لم يحدث من قبل في التاريخ الفرنسي.
والآن، بعد تراكم فشله وأصبح نموذجا للفشل «، تحوّل ماكرون إلى الدول المستقلة ذات السيادة ليصدر لها مشاكله أو أزمته الداخلية، وهكذا تهجم على الجزائر والسينغال والتشاد ومالي وبوركينا فاسو وإيران، ويواصل البحث (الآن) عن كباش فداء ليعلق عليها فشله.
ولم يكن ماكرون صادقا فيما كاله من تهم وتهجم ، بل سار في الطريق السهل ، طريق التهم الجاهزة ، والدليل ، مثلا ، على أنه تجنّى على الجزائر هو قوله بأنها لم تسمح لبوعلام صنصال بالعلاج ، في حين أن هذا الأخير الذي لم يوقف بسبب أرائه أو كتاباته ، يحظى برعاية شاملة وفقا للقانون ، لكن ماكرون يقول، بمكثر و خبث، أن صنصال لا يخضع للعلاج ، رغم أنه يعلم علم اليقين أن صنصال يحظى بالرعاية اللازمة التي يوفرها له القانون أولا، وبصفته مواطنا جزائريا ثانيا، وهذه جزئية بسيطة على طريقة تفكير وتصرف الرئيس الفرنسي الشاب الذي تنقصه لا تنقصه خبرة السنين فقط، بل تنقصه كثيرا الخبرة السياسية .
في النهاية، وأمام تراكم الفشل على طريقة كرة الثلج، أصبح 61 في المائة من الفرنسيين يطالبون باستقالة رئيسهم حسب أخر عملية سبر للرأي في فرنسا، وأصبحت الاستقالة مطلب أغلب رؤوس السياسة الفرنسية، ويبدو أن هذا هو مصيره المحتوم، فقد بدأ الرجل يشعر بقوة هذا الطلب وحتمية هذا المصير، فلجأ إلى خلق مشاكل مع دول أخرى عساه ينجو من مصيره المحتوم وهو الرحيل.
لقد وصل الموس إلى العظم كما يقول المثل، ولم يعد ينفع التمثيل أو التدوير أو التبهليل، و” ربح العيب” للأخرين بدون سبب، وهو سلوك مقزز وهجين لا يليق برؤساء الدول..
رابط دائم: https://hyat.cz/8zj6s