سقطت سوريا في أيدي المعارضة رسميا فجر يوم الأحد 8 ديسمبر، بعد تمكن المعارضة المسلحة من اقتحام العاصمة دمشق والسيطرة عليها.
في هذه اللحظات، قرر الرئيس السوري بشار الأسد مغادرة سوريا على متن طائرة ركاب صغيرة رفقة وزير دفاعه وعدد من أفراد عائلته، دون علم أقرب المقربين منه بمن فيهم قائد الأمن الوطني اللواء كفاح ملحم ودون أن يعلم أحد وجهته.
وقد احتفت الطائرة، التي اتجهت في البداية نحو محافظة اللاذقية الساحلية التي توجد بها قاعدة حميميم العسكرية، عن شاشات الرادارات، وهو ما جعل وكالة رويترز للأنباء ترجح، استنادا إلى مصدرين كما قالت، فرضية سقوطها ومقتل الأسد.
بداية السقوط
عندما بدأت المعارضة المسلحة تشتبك مع الجيش السوري قرب إدلب، حاول بشار الأسد التواصل مع الرئيس التركي ليعرض عليه فكرة التفاوض مع المعارضة، وهو العرض الذي كان أردوغان قدمه للاسد قبل عن طريق رئيس الوزراء العراقي شياع السوداني الذي تربطه علاقة جيدة بالرئيس التركي طيب أردوغان، وكذلك عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
هكذا، اتصل الأسد بشياع السوداني وطلب منه عرض فكرة الحوار على أردوغان، وأبلغه بأن رفضه لعرض أردوغان الأول كان سبب الشكوك في الموقف التركي وفي أردوغان نفسه، وعندما اتصل شياع السوداني بأردوغان وعرض عليه الأمر، ردّ الأخير ردّ بأنه لا يستطيع فعل أي شيئ لأن المعارضة تتقدم نحة دمشق، وترفض التوقف والدخول في مفاوضات وطلب منه أن يبلغ الأسد بأن هذه الموافقة كمتأخرة وأن الوقت قد فات.
كان أردوغان يعرف أن أيام الأسد معدودة وأن سوريا ستسقط، خاصة أن حليفه، محمد الجولاني (أحمد الشرع) قائد (أو أمير) هيئة تحرير الشام، لديه القدرة على الوصول إلى دمشق وإسقاط الحكومة السورية.
أبلغ السوداني الرئيس الأسد بموقف أنقرة، وهنا، توجه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى أنقرة في مسعى لإقناع الاتراك بالعمل على العودة إلى تخفيض التصعيد وإيجاد حل سياسي بين الأسد والمعارضة عبر مرحلة انتقالية في سوريا.
غير أن مساعي عراقجي لم تنجح، وسمع كلاما مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، مفاده أن الأسد يتحمل وحده مسؤولية تدهور الوضع بعدما رفض اليد الممدودة من أردوغان لايجاد حل سياسي.
وقد جاءت هذه التطورات بعدما اقتنع الأسد بأن حزب الله، الذي تلقى ضربات قاسية من إسرائيل، لم يعد قادرا على تقديم المساعدة العسكرية المباشرة كما كان يفعل من قبل، وهكذا، لجأ الأسد إلى طلب المساعدة العسكرية المباشرة من العراق، لكن بغداد رفضت إقحام الجيش العراقي في مغامرة قد تنقلب عليها، وأبلغت الأسد أنها لا تريد أن تتخذ موقفا مع أي طرف في هذا الصراع، ولكنها ستواصل السعى للمساهمة في ايجاد حل سياسي للأزمة.
في 7 ديسمبر، انعقدت في العاصمة القطرية الدوحة، الجولة الـ 23 من مسار أستانا التي تضم إيران وروسيا وتركيا، وشارك في اللقاء قطر والسعودية والأردن والعراق.
وطرحت طهران في الاجتماع فكرة وقف إطلاق النار وتثبيت خطوط الاشتباك، حيث يبقى كل طرف في المكان المتواجد فيه، ثم إطلاق حوار بين النظام والمعارضة، لكن تركيا أعلنت عن عدم قدرتها على السيطرة على قوات المعارضة التي اقتربت من دخول دمشق، لأن هذه القوات لا تقبل التوقف إلا إذا تحقق الانتقال السياسي.
هنا، ناقش الحاضرون فكرة الانتقال السياسي وتشكيل هيئة حكم انتقالية، وهو ما جعل إيران تدرك أن الأمور متجهة نحو إسقاط بشار الأسد، وهذا ما دفعها لتغيير لهجتها للمرة الأولى واستخدام مصطلح “المعارضة السورية”.
حماية الأسد مقابل الحكم الانتقالي
وقد عرضت روسيا على الأسد قبل يوم السبت 7 ديسمبر، أي قبل يوم واحد من دحول قوات المعارضة إلى دمشق توفير الحماية له ولعائلته ومغادرة البلاد، إذا وافق على الحكم الانتقالي، غير أن الأسد رفض وقال أنه سيبقى في سوريا وأنه مستعد للمواجهة وقادر عليها، لكن الجيش السوري الموجود في محيط دمشق توقف عن الاستجابة لأوامر القادة العسكريين لمواصلة القتال، وهو ما جعل الأسد يغير موقفه ويقبل بالمرحلة الانتقالية ومغادرة سوريا.
على متن طائرة صغيرة
وكانت مغادرة بشار الأسد على متن طائرة صغيرة سرية ومفاجئة، ولم يعلم بها حتى رئيس جهاز الأمن الوطني التابع للنظام اللواء كفاح ملحم، ويسود اعتقاد بأن الأسد موجود حاليا في قاعدة حميميم، أو أن طائرته سقطت.
وكانت مصادر أمنية عراقية أكدت أن ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري، وصل إلى العراق، ساعات قليلة قبل سقوط دمشق.
رابط دائم: https://hyat.cz/423al