لم يستطع نظام المغرب هذه المرة التغريد خارج السرب، داخل أروقة الأمم المتحدة بعد القرار الذي اعتمدته لجنة تصفية الاستعمار للتأكيد على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والذي تم اتخاذه بتوافق الآراء، أي أن المغرب كان ضمن الدول التي صادقت عليه.
ويعكس عدم اعتراض المغرب على قرار لجنة تصفية الاستعمار، حالة الانفصام التي تعيشها الدبلوماسية المغربية، فهي من جهة، تقيم الدنيا وتقعدها عندما تسمع دولا مثل الجزائر تشدد على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، ولا تعترض من جهة أخرى على مصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على هكذا قرار.
ويعني اعتماد القرار بتوافق الآراء كذلك، بأن كافة الدول التي تتبنى الأطروحات المغربية قد وافقت عليه، سواء تلك التي تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي، أو تلك التي تعترف بالسيادة المغربية المزعومة على إقليم الصحراء الغربية الذي تصنفه الأمم المتحدة كإقليم غير خاضع للحكم الذاتي.
وجدد القرار الذي اتفق عليه 24 بلد بما فيهم المغرب وداعموه، التأكيد على الحقائق التاريخية والقانونية المرتبطة بالقضية الصحراوية
ومن بين هذه الحقائق التي جددت لجنة تصفية الاستعمار الأممية التأكيد عليها هي أن القضية الصحراوية قضية “تصفية استعمار” وتندرج في صلب مهام اللجنة، وأن الشعب الصحراوي مؤهل لممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال وفقا لما يمليه قرار الجمعية العامة 1514، المؤرخ في 14 ديسمبر 1960 المتضمن إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة.
كما تم التأكيد على المسؤولية الدائمة والثابتة لمنظمة الأمم المتحدة حيال شعب الصحراء الغربية.
ويطلب هذا القرار من اللجنة الأممية المعنية بتصفية الاستعمار، مواصلة بحث الوضع في الصحراء الغربية ويؤكد المسؤولية الدائمة والثابتة لمنظمة الأمم المتحدة حيال الشعب الصحراوي.
ويأتي هذا القرار الذي كرس فيه الجهاز الدبلوماسي المغربي تخبطه وانفصامه، بعد الصفعة التي تلقاها من طرف محكمة العدل الأوروبية والتي انتصرت لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وأكدت عدم مشروعية اتفاقيات الصيد البحري والشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي بسبب شموليتها الأراضي الصحراوية دون استشارة جبهة البوليساريو باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للصحراويين.
ويؤكد قرار محكمة العدل الأوروبية الأخير أن القضية الصحراوية بصدد تدشين عهد جديد يكفل معالجتها على أسس صحيحة وصلبة، تصب كلها في خانة تصفية الاستعمار بآخر مستعمرة في إفريقيا.
وأعتبرت المحكمة الاوروبية أن الصحراء الغربية إقليم متمايز ومنفصل تماما عن إقليم المغرب مما يتطلب حتمية تسجيل السلع والمنتجات القادمة من الإقليم باسم الصحراء الغربية، وأكدت على حق تقرير المصير في الشق السياسي والاقتصادي للقرار المتعلق بسيادة الشعب الصحراوي على موارده.
ودفعت هذه الصفعات المتتالية، بنظام المخزن، إلى تبني روايتين إثنتين، الأولى يخاطب فيها الشعب المغربي ويحاول إقناعه أن قضية الصحراء الغربية محسومة لصالح المغرب، فيما يتحدث مع العالم بلغة مختلفة تماما انتهت به إلى المصادقة على قرار يدعم استقلال الصحراء الغربية في اللجنة الأممية المعنية بتصفية الاستعمار.
رابط دائم: https://hyat.cz/apab0